أكذوبة كل ما في الصحيحين صحيح

كذبة كل ما في الصحيحين صحيح :

يروي المنافقون والدجالون كذبة ويروجونها ليتحكموا في عقول الناس، وتقول هذه الكذبة بأن كل ما في الصحيحين صحيح.
يقول النووي : أجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين ووجوب العمل بأحاديثهما. (تهذيب الأسماء واللغات 1/73).
ويقول ابن تيمية : ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن. (مجموع الفتاوى 18/74).

ومن شدة غلو السابقين، فقد أنكروا حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام من أجل تعظيم الكتابين، كما لو أن البخاري ومسلم خير من الله عز وجل ورسله أجمعين، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ) رواه الترمذي (1535) وأبو داود (3251) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
لكننا نجد الجويني ومن شابهه يروجون لهذه الكتب للحلف بها وبما فيها، منكرين لحديث النبي عليه الصلاة والسلام، فقد نقل أبو عمرو بن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (ص/86) بسنده إلى إمام الحرمين الجويني أنه قال :
(لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ، ولا حنثته ، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما). وهذا الغلو لا نجده إلا عند عبيد المثناة (أو المشناة).

وعند البحث نجد أن العديد والعديد من الأئمة والفقهاء انتقدوا أحاديثا في الصحيحين، نذكر منهم :

البخاري، مسلم، أحمد بن حنبل، علي بن المديني، يحيى بن معين، أبو داود السجستاني، أبو حاتم الرازي، أبو زرعة الرازي، أبو عيسى الترمذي، العقيلي، النسائي، النيسابوري، أبو بكر الإسماعيلي، أبو نعيم الأصبهاني، أبو الحسن الدارقطني، ابن مندة، البيهقي، العطار، الغساني الجياني، ابن عمار الشهيد، جمال الدين المزي، ابن حجر العسقلاني، ابن الجوزي، ابن حزم، ابن عبد البر، ابن تيمية، ابن القيم، الألباني، بدر الدين الزركشي، الكمال بن الهمام، محمد بن سلمان الكافيجي، أحمد بن الصديق الغماري، عبد الله بن الصديق الغماري، أبو بكر الباقلاني، أبو المعالي الجويني، أبو حامد الغزالي، أبو بكر الجصاص، ابن عاشور، محمد عبده، السيوطي، الذهبي، تقي الدين السبكي، تاج الدين السبكي، ابن برهان، ابن باز، ابن عثيمين ... وما زال العديد.
والعجيب في الأمر أن كل هؤلاء هم من أهل السنة والجماعة، فلم نذكر الشيعة، الزيدية، الإباضية، المعتزلة ... فكيف أجمعت الأمة على صحة ما في الصحيحين ؟ فأهل السنة والجماعة لوحدهم لم يجمعوا، ولا الوهابيون أجمعوا. فلماذا يتم نشر الأكاذيب والخرافات ؟.
لذلك فمقولة أجمعت الأمة على صحة ما في الصحيحين هي جملة خاطئة ومغلوطة، ونذكر هنا قول أحمد بن حنبل : (من حكى الإجماع فقد كذب، ما يدريه لعل الناس اختلفوا).

والأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم لأقسام :
القسم الأول : ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد.
القسم الثاني : ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد.
القسم الثالث : ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها.
القسم الرابع : ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف من الرواة.
القسم الخامس : ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله.
القسم السادس : ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن.
" هدي الساري " (345-346).

فكفاكم عبثا يا منكروا الحقائق، ولا تكذبوا على الناس ولا تنشروا الجهل. ففي القرآن 280 آية حذرت من عاقبة وصفة الكذب.
{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الأنعام 152)
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (البقرة 10)
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607).

أسامة فاخوري
باحث إسلامي