منتدى العقلانيين العرب
منتدى العقلانيين العرب
منتدى العقلانيين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العقلانيين العرب

منتدى للبحث عن العدل والحق
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالمنشوراتالتسجيل
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
الطارق الكعبة الرسول الحقيقة القرآن
المواضيع الأخيرة
»  قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyاليوم في 6:03 am من طرف رضا البطاوى

» أين هي قرية لوط عليه السلام ؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyأمس في 3:21 pm من طرف julien

» شركة تنظيف ستائر بالدمام
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyأمس في 6:10 am من طرف شيماء أسامةة 272

» نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyأمس في 5:49 am من طرف رضا البطاوى

»  قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأربعاء أبريل 17, 2024 5:36 am من طرف رضا البطاوى

»  نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالثلاثاء أبريل 16, 2024 5:37 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالإثنين أبريل 15, 2024 6:19 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى بحث مطر حسب الطلب
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأحد أبريل 14, 2024 6:41 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت أبريل 13, 2024 6:34 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالجمعة أبريل 12, 2024 5:49 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس أبريل 11, 2024 7:06 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأربعاء أبريل 10, 2024 10:11 am من طرف رضا البطاوى

» الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالثلاثاء أبريل 09, 2024 6:30 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالإثنين أبريل 08, 2024 6:08 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأحد أبريل 07, 2024 6:12 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مقال صائدو فروات الرؤوس
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت أبريل 06, 2024 6:08 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى بحث عين الشيطان في الثقافات القديمة حول العالم
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالجمعة أبريل 05, 2024 7:07 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات ببحث مدى دقة مبدأ عدم تكرر الصدفة في كشف علاقات السببية للطبيعة؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس أبريل 04, 2024 6:15 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مقال رموز ومعاني: ماذا تعرف عن الفوضوية؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأربعاء أبريل 03, 2024 6:21 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى مقال رعب الجراحة الذاتية: أصعب خيار وأخطر قرار
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالثلاثاء أبريل 02, 2024 6:15 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات فى بحث رحلة في أعماق الكون
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالإثنين أبريل 01, 2024 6:42 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن جسم الانسان
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأحد مارس 31, 2024 5:51 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال جنون العظمة: حين ترى نفسك إله
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت مارس 30, 2024 6:21 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالجمعة مارس 29, 2024 6:21 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس مارس 28, 2024 6:12 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأربعاء مارس 27, 2024 6:32 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالثلاثاء مارس 26, 2024 6:03 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالإثنين مارس 25, 2024 6:02 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأحد مارس 24, 2024 4:39 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت مارس 23, 2024 6:24 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالجمعة مارس 22, 2024 7:43 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس مارس 21, 2024 5:54 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأربعاء مارس 20, 2024 6:12 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 6:14 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالإثنين مارس 18, 2024 6:27 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالأحد مارس 17, 2024 6:03 am من طرف رضا البطاوى

» من هم الأعراب ؟
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت مارس 16, 2024 1:13 pm من طرف julien

» نظرات فى بحث وعي النبات
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت مارس 16, 2024 6:12 am من طرف رضا البطاوى

» نظرات في بحث أهل الحديث
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالجمعة مارس 15, 2024 7:23 am من طرف رضا البطاوى

» قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص)
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس مارس 14, 2024 6:16 am من طرف رضا البطاوى

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
رضا البطاوى
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_rcapسبينوزا بين الدين و الفلسفة Voting_barسبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_lcap 
شيماء أسامةة 272
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_rcapسبينوزا بين الدين و الفلسفة Voting_barسبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_lcap 
julien
سبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_rcapسبينوزا بين الدين و الفلسفة Voting_barسبينوزا بين الدين و الفلسفة Vote_lcap 

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 سبينوزا بين الدين و الفلسفة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
طارق زينة

طارق زينة


المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 18/09/2017

سبينوزا بين الدين و الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: سبينوزا بين الدين و الفلسفة   سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالخميس سبتمبر 21, 2017 10:49 am

سبينوزا فيلسوف هولندي من أهم الفلاسفة عبر العصور، ولد في 24 نوفمبر 1632 في أمستردام، وتوفي في 21 فبراير 1677 في لاهاي. امتاز سبينوزا باستقامة أخلاقه وخطّ لنفسه نهجا فلسفيًا يعتبر أنّ الخير الأسمى يكون في "فرح المعرفة" أي في "اتحاد الروح بالطبيعة الكاملة".
و اليوم بسبب ما يشهده العالم من عنف وفوضى وتقلبات حدّية، تعود أطروحات فلسفية وضعها سبينوزا، وكانط، وهيغل، إلى الواجهة، حيث إن دراستها بتمعن وفهمها قد يساعد على تجاوز كثير من مظاهر اللامعقولية التي تعاني منها الأمم و الشعوب.
تعتبر الفرنسيّة كاترين غوليو أن سبينوزا، وكانط، وهيغل هم الأكثر حضورا في عالم اليوم الذي يشهد تقلبات عنيفة، وبروز العديد من المذاهب والإيديولوجيات التي تحرض على العنف والكراهية، وعودة الشعوذة والسحر للمجتمعات حتى في الدول المتقدمة. وفي ذلك كتبت تقول:
"نساء يحاكمن بالإعدام اعتمادا على القرآن لأنهن اغتصبن. أميركيون يؤكدون أن العالم خلق بحسب روزنامة سفَرَ التكوين. شخصيّات أوروبية كبيرة ونافذة تسافر إلى إفريقيا السوداء لدراسة السحر والانتفاع من "فضائله". هل نحن على وشك الانحدار إلى عالم الجنون مستعملين الأسلحة التي هي أسلحتنا، والتي هي حرية الفكر والوجود، والعقل، والأخلاق، والقانون، والحق، والكثير من المفاهيم التي كان قد طالب بها منذ قرون عدة كلّ من سبينوزا، وكانط وهيغل ضد السلطة الدينية، وضدّ استبداد الحكام، والأمراء، وكان سلاحهم الوحيد في تلك المقاومة الشرسة للتصدي لكلّ هذا هو قوة الفكر المناهضة لكلّ شكل من أشكال الشعوذة، ولكلّ ما يتنافى مع العقل البشريّ، ومع المبادئ التي تدعو إلى التسامح، والتضامن بين الشعوب؟ لذا فإن أطروحاتهم الفلسفيّة لا تزال تسكننا إلى حدّ هذه الساعة حتى وإن لم نكن واعين بذلك. وربما لأن الفلاسفة الذين ذكرت عسيرون إلى حد ما عن الفهم فإننا أهملناهم لنهتم برطانة المختصين. مع ذلك لا بد من العودة إليهم والى نصوصهم واطروحاتهم لكي نتعلم كيف نفكر في قضايا عصرنا الراهن".
في كتابه "مقالة في اللاهوت السياسي" عام 1670، انخرط سبينوزا في إحدى المعارك الرهيبة التي استمرت بعده طيلة مائتي سنة وأكثر. لقد أراد تحديد العلاقات بين الدين والسياسة، أو بين رجال الدين ورجال الحكم. وأراد أيضاً، وبالدرجة الأولى، البرهنة على الشيء الأساسي التالي : وهو أن حرية التفكير، أو حرية الضمير والمعتقد والكلام، لا تضرّ أبداً بالأمن العام للدولة ولا تؤدي إلى الفسق والفجور كما يدعي اللاهوتيون. على العكس، إنها شرط أساسي لتحقق هذا الأمان ولشيوع الاستقامة والنـزعة الأخلاقية في المجتمع. وبالتالي فلا ينبغي التضييق على الحرية الفكرية أو الفلسفية ما دامت تعبر عن نفسها داخل حدود القانون.
لماذا نشر سبينوزا كتابه هذا؟ لماذا دافع بشكل مستميت عن حرية الفكر في هولندا أكثر بلدان أوروبا تسامحاً وليبرالية في النصف الثاني من القرن السابع عشر لا في القرن الحادي و العشرين، ينبغي ألا ننسى ذلك. وأصدقاء سبينوزا وناشروه كانوا يعرفون مدى محدودية هذه الحرية، وقد دفعوا الثمن غالياً. وثانياً لأنه إذا كانت الدولة متسامحة، فإن الكنيسة لم تكن كذلك.
كان هناك تفاوت كبير بين الحاكم جان دوفيت المشهور باستنارته وعقلانيته، وبين رجال الدين المتعصبين. وهو تفاوت أدى في نهاية المطاف إلى مقتل الزعيم الهولندي . وأخيراً يمكن القول بأن جو التسامح الذي كانت تعيشه هولندا كان مهدداً، وسبينوزا أول من يعرف ذلك بحسِّه الفلسفي الخارق، فمعروف أن المتشددين البروتستانتيين كانوا مرتبطين بالنظام الملكي المخلوع ويتمنون عودته لأنهم يكرهون جو الحرية والتسامح ولا يستطيعون تحمل كل هذه الزندقة الفكرية!!. صحيح أن النظام الليبرالي كان يبدو واقفاً على قدميه عندما كتب سبينوزا هذا الكتاب الحاسم في تاريخ الفكر، فزعيم هولندا الذي كان صديقه وحاميه كان يترأس جمهورية مزدهرة بالتجارة وذات مؤسسات راسخة ظاهرياً. ولكن بعد سنـتين فقط من ذلك التاريخ حصل الغزو الفرنسي لهولندا، وتمت تصفية الحكم الليبرالي، وأُعيد النظام الملكي الأصولي إلى سدة الحكم. وهكذا انهارت كل أحلام سبينوزا وصدقت تنبؤاته المتشائمة عن الأصوليين أو اللاهوتيين كما يحب أن يسميهم. فهم أصل العلَّة والبلاء : أي أصل الاستبداد والقضاء على الحرية الفلسفية.
ولكن كتاب سبينوزا، ككل كتاب فلسفي عظيم، يتجاوز الحالة الهولندية لكي يشمل الحالة الأوروبية وربما الكونية بأسرها. وهو يعكس عدة مستويات من الصراع، فهناك أولاً الصراع المتفجر بين اللاهوت والسياسة، من هنا عنوان الكتاب : "مقالة في اللاهوت السياسي، أو بحسب ترجمة أخرى : "مقالة في اللاهوت والسياسة". وهناك ثانياً الصراع الدائر في أوروبا منذ عصر النهضة بين الكتاب المقدس وفقه اللغة التاريخي أو ما يدعى بعلم الفيلولوجيا، فمعلوم أنه منذ القرن السادس عشر راح بعض النهضويين يدعون إلى تحقيق الكتاب المقدس تحقيقاً لغوياً وتاريخياً من أجل التوصل إلى نسخة صحيحة أو أقرب ما تكون إلى الصحة. وهو تحقيق سوف يؤثر على تفسيره بطبيعة الحال، ولذلك أثار ردود فعل غاضبة في أوساط الكهنة والمحافظين. وقد استعاد سبينوزا هذه المناقشة الكبرى وساهم في بلورتها. وهناك أخيراً الصراع الأبدي الكائن بين الفلسفة واللاهوت، وهو صراع يتجاوز حدود المسيحية الأوروبية لكي يشمل الإسلام والأرثوذكسية الشرقية وسواها. بهذا المعنى فإن كتاب سبينوزا كوني أو يتناول مسائل كونية. إن راهنيَّته بالنسبة للإسلام حالياً تبدو أكثر من واضحة وملحة..
والآن ماذا يقول سبينوزا؟ عندما نقرأ مقدمته للكتاب يخيل إلينا للوهلة الأولى أنه يتبع أيضاً الحل نفسه الذي اتبعه سلفه الأكبر ديكارت. فبما انه حريص على حماية الحرية الفلسفية أكثر من حرصه على إنقاذ الإيمان، فإنه راح يحصر الفلسفة في مجالها، والدين في مجاله لكيلا يعتدي أحدهما على الآخر! يقول مثلاً: "اقتناعي العميق هو أن الكتابات المقدسة (أي التوراة والإنجيل) لا علاقة لها بالفلسفة على الإطلاق، وإنما كل واحد منهما ينحصر في مجاله الخاص بالذات. فالتعاليم التي تخص الروحانيات نستمدها من الكتابات المقدسة فقط وليس من تعاليم النور الطبيعي، أي العقل. وبالتالي فالمعرفة القائمة على الوحي تتمايز كلياً عن المعرفة الطبيعية أو العقلانية سواء فيما يخص موضوعها أم مبادئها الأساسية أم وسائلها ومنهجيتها.
نستخلص من كل ذلك ما يلي : بما أن هذين النمطين من المعرفة مختلفان كلياً فإنه يمكن لكل واحدة منهما أن تمارس فعلها داخل مجالها الخاص دون أن تتناقض مع المعرفة الأخرى أو تدخل في معركة معها" ...
عندما نتقدم في قراءة كتاب سبينوزا عن اللاهوت السياسي نلاحظ أنه لم يتقيد بالمبادئ الحذرة وربما التمويهية التي نصَّ عليها في المقدمة، فقد كان مضطراً لأن يتقدم مقنَّعاً، لأن يراعي الجو العام المحيط. والفلسفة بنت وقتها وعصرها كما يقول هيغل، ولا يمكنك أن تخرج كلياً على عصرك أو أن تهمل مشروطيته التاريخية. مهما تكن عبقرياً وسابقاً لزمنك فإنك مشروط بمصطلحاته، ولغته، ومسموحاته ومحرَّماته.
يبتدئ سبينوزا الفصل الأول من كتابه بتحديد النبوة قائلاً بأنها معرفة يقينية أو محققة.
ولكن منذ الفصل الثاني نلاحظ أنه يقول لنا بأن الوحي يختلف من نبي إلى آخر بحسب طبعه، ومزاجه، وخياله، وظروف عصره. وبالتالي فنحن مضطرون لاستخدام النقد العقلاني من أجل فهم معنى كلامهم. وعلى الرغم من أن سبينوزا يقول بأنه لن يفسر الكتاب المقدس إلا من خلال الكتاب المقدس ذاته ولن يقحم عليه أي منهجية من خارجه، إلا أنه في الواقع يطبق عليه المنهجية الديكارتية، أي العقلانية. نقول ذلك ونحن نعلم أن ديكارت نفسه لم يتجرأ على ذلك عندما حصر منهجيته بدراسة الظواهر الطبيعية، ومنع تطبيقها على مجال الدين أو الإيمان. مهما يكن من أمر فإن جرأة سبينوزا على الاقتحام الفلسفي لم تكن تقل عن جرأة الفاتحين الكبار. فهو لم يتردد مثلاً عن تطبيق نظرية انكسار الأشعة الديكارتية على المقطع التوراتي التالي :"يا شمس قفي على جبعون، ويا قمر على وادي أيَّالون. فوقفت الشمس وثبت القمر، إلى أن انتقمت الأمة من أعدائها"... هذا المقطع وارد في سفر النبي يوشع. وهو يناقض العقل وقوانين الطبيعة. فكيف فسره شخص عقلاني محض مثل سبينوزا؟ قال بأن النبي يوشع لم يكن يعرف علم الفلك الحديث لأن هذا العلم لم يكن قد وجد بعد، وبالتالي توهم أن الله أوقف الشمس فعلاً بطريقة خارقة للعادة. ولذلك فإنه جهل السبب الحقيقي لاستطالة النهار وتأخر الليل، فالواقع أن كمية الصقيع كانت كبيرة في تلك اللحظة في الهواء، فحصل انعكاس استثنائي لأشعة الضوء، وتوهم الناظرون أن الشمس توقفت في السماء ولم تعد تتحرك...
لاحظ أن سبينوزا لا ينكر حصول القصة أو المعجزة. ولكنه يعزوها إلى أسباب طبيعية لا إلى أسباب خارقة للطبيعة. وهنا يكمن الفرق بينه وبين المؤمن التقليدي الذي يبتهج أكثر كلما كانت المعجزة أكثر انتهاكاً لقوانين الطبيعة.
وأما فيما يخص المسيحية والإنجيل فإن سبينوزا تجرأ على رفض العقائد الأساسية للمذهب الكاثوليكي : كالتأكيد على تجسُّد الله في المسيح، أو القول بقيامة المسيح بعد موته ببضعة أيام، أو القول بالقربان المقدس : أي أن جسم المسيح ودمه موجودان حقيقة في الخبز والخمر الذي يعطيه الكاهن للمصلين في نهاية القداس.. فهذه خرافات في رأي سبينوزا، ولا يمكن لأي شخص عقلاني أن يؤمن بها. ولكي يترك مخرجاً للمسيحيين فإنه قال بتأويل هذه العقائد على أساس رمزي، لا حقيقي واقعي. فقيامة المسيح بعد الموت لم تكن جسدية وإنما رمزية أو روحية، وتجسد الله فيه هو أيضاً على سبيل الرمز، وقل الأمر ذاته عن قطع الخبز الصغيرة وجرعات الخمر... وبالتالي فالتفسير الرمزي أو المجازي ضروري لكيلا يحصل تناقض فظيع بين الكتاب المقدس وبين المنطق والعقل.
في الواقع إن سبينوزا كان يعرف أن الدين يؤمن للناس البسطاء الطمأنينة النفسية التي لا يمكن أن يجدوها في أي مكان آخر. وبالتالي فمن غير المعقول أن يحرمهم من هذه الطمأنينة التي لا يمكن للإنسان أن يعيش بدونها. أما هو فكان يستطيع التوصل إليها عن طريق آخر غير الدين. وبالتالي فهناك جوانب إيجابية في الدين لا يمكن إنكارها. ولكن الشيء الذي كان يخيفه في الدين هو التعصب. نقول ذلك وبخاصة أن الصراعات المذهبية أو الدينية كانت حادة في هولندا عندما ألَّف كتابه. فالمذهب الرسمي المسيطر كان يحتقر المذاهب الأخرى على الرغم من أنها تنتمي إلى المسيحية مثله.
لقد رأى أن الدين لايمكن أن حصره في ممارسة الشعائر والطقوس، وإنما أن جوهر الدين يكمن في محبة الآخرين، الدين هو المعاملة، وحسن الطوية، ومساعدة الفقير، ومحبة الآخر ولو لم يكن ينتمي إلى دينك أو طائفتك.
هذا الفهم الواسع للدين، والذي هو أخلاقي بالدرجة الأولى، كان غريباً جداً على عقلية الأصوليين المتزمتين الذين يختزلون الدين إلى جملة من الطقوس والشعائر الشكلانية الخارجية، وجملة من المحظورات والمحرمات، وجملة من العقائد اللاهوتية التي تخرج عن سيطرة العقل.
في الواقع إن التفسير العقلاني الذي قدمه سبينوزا عن الكتابات المقدسة يهدف بالدرجة الأولى إلى بلورة نوع الأخلاق الإجتماعية التي تجنِّب البشر الصراعات الطائفية والمذهبية. فالمبدأ اللاهوتي الذي نصّ عليه لا يمكن أن يُرفَض من قبل أي دين او مذهب. لا يوجد دين يرفض المبدأ القائل بمحبة الآخرين أو مساعدتهم ومعاملتهم بالحسنى. ولكن الطقوس والشعائر والعقائد التي تختلف من دين لآخر هي التي تفرق بين البشر وتشعل الحروب المذهبية والعصبيات الطائفية. وإذن فسبينوزا حاول حلَّ مشكلة اجتماعية خطيرة كانت تهدد هولندا التي يعيش فيها المسيحيون بشتى طوائفهم وكذلك اليهود.. فهؤلاء، لكي تجنّبهم الشقاقات والنـزاعات، ينبغي أن تجمعهم على مبدأ واحد يكون بمثابة القاسم المشترك للجميع. وبعدئذ يستتبُّ السلام العام في المجتمع وعندئذ تبتدئ بلورة الطريق الآخر المؤدي إلى الحقيقة : أي طريق الفلسفة، لا طريق التسليم والدين...
في الواقع إن مشكلة سبينوزا كانت هي الكثرة : أي أغلبية الشعب التي سرعان ما تستفزها الأهواء والعصبيات فتنهض لكي تحرق الأخضر واليابس. وهي أكثرية عاجزة عن فهم الفلسفة أو الارتفاع إلى مستوى المعرفة الفلسفية. ولذا فمن المستحسن أن نقدم لها أخلاقاً عملية قائمة على الإيمان والدين المتسامح. ولذا لم يحاول سبينوزا أبداً تغيير عقلية أصدقائه أو جيرانه الذين كانوا يجدون طمأنينتهم في الدين وممارسة طقوسهم وشعائرهم. فما داموا يعيشون بسلام وأمان ولا يؤذون أحداً فإن تديُّنهم جيد ومقبول عند الله. ولكن إذا حاولوا الاعتداء على الآخرين أو إجبارهم على ممارسة الشعائر والطقوس أو إكراههم على اعتناق نفس العقائد، فإن تديُّنهم يتحول إلى تعصب غير مقبول. وهو تعصب يهدِّد السلام الاجتماعي في بلد يعجُّ بالطوائف والمذاهب المختلفة. في الواقع إنه كان يرفض شخصياً كل الطقوس والشعائر سواء أكانت مسيحية أم يهودية. لماذا؟ لأن جوهر الدين يكمن في مكان آخر، ولأن اختلافها من هذا الدين إلى ذاك، بل وأحياناً من هذا المذهب إلى ذاك، يدلُّ على عرضيّتها وطابعها التاريخي المحض. وبالتالي فهي ليست ملزمة وخاصة بالنسبة للفيلسوف. أما بالنسبة للعامة فبإمكانهم أن يمارسوها إذا كانت تؤمِّن لهم الراحة النفسية.
------------------------------------------------------------------

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رضا البطاوى




المساهمات : 2326
تاريخ التسجيل : 17/09/2017

سبينوزا بين الدين و الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سبينوزا بين الدين و الفلسفة   سبينوزا بين الدين و الفلسفة Emptyالسبت يناير 19, 2019 8:06 pm

اخترع حل لمشكلته هو ومن يعيش معهم ولكنه فى النهاية استسلم لظروف المجتمع سواء كان اعتنق النصرانية أو غير اسمه لاسم نصرانى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سبينوزا بين الدين و الفلسفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أخطاء فى الفلسفة
» نقد كتاب مبادىء الفلسفة لديكارت
» نقد كتاب الدين والعلم
» قراءة فى خطبة حتى لا يضيع الدين
» نقد مخطوط أصل السنة واعتقاد الدين

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العقلانيين العرب :: الفئة الأولى :: القاعة الفلسفية-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: